في مدينة بنزرت شمال البلاد التونسية، حيث تتشابك الثقافة مع الفنون، بزغت موهبة شابة تحمل في طياتها عبق الماضي وحداثة العصر. أسماء بن عيسى، فتاة تونسية شغوفة بالرسم، جعلت من التزيين بالوشم المعروف بـ”التاتواج” وسيلة للتعبير عن هويتها الفنية والثقافية، مستلهمة هذا الفن من مهنة والدتها في حرفة الحنّة والنقش التقليدي
الوالدة: الحاضنة الأولى للإبداع
والدة أسماء ليست مجرد حرفية تقليدية، بل هي فنانة بالفطرة، حملت معها تراثًا متوارثًا عن الأجيال السابقة في فن النقش بالحنّة. كانت تعمل بجد في المناسبات والأعراس، تزيّن أيادي النساء وتصنع بسمة على وجوههن من خلال نقشات دقيقة ومبهرة. منذ نعومة أظافرها، كانت أسماء ترافق والدتها في ورشتها الصغيرة أو في تجمعات النساء، حيث كانت تتعلم منها كل شيء: تحضير عجينة الحنّة، اختيار التصاميم المناسبة، والتعامل برفق مع كل زبونة وكأنها لوحة فنية فريدة
التقليدي والمعاصر في خطوط الوشم
لم تكتف أسماء بالبقاء في إطار النقش التقليدي، بل قررت أن توسّع آفاقها، فاستوحت من الأنماط القديمة أساليب جديدة تمزج بين التقاليد والابتكار. تستخدم أسماء أدوات حديثة وتقنيات معاصرة تجعل من التاتواج عملاً فنيًا ينبض بالحياة، مما أكسبها شهرة بين الشباب الباحثين عن أسلوب يعبر عن شخصيتهم دون أن يفقدوا ارتباطهم بجذورهم الثقافية
رسالة من خلال الفن
تعتبر أسماء أن الوشم ليس مجرد زينة، بل وسيلة للتعبير عن قصص وأفكار، حيث تصمم لكل شخص وشمًا فريدًا يعكس شخصيته ورغباته. الحنّة والتاتواج يحملان هوية المرأة التونسية، ولكل خط وقصة، وكل نقشة تحمل ذكرى
تحلم أسماء بتطوير عملها ليصل إلى العالمية، حيث ترغب في نقل روح الثقافة التونسية عبر فنها إلى مختلف أنحاء العالم، مستفيدة من جمال التقاليد وثراء التراث التونسي الذي يُلهمها كل يوم
أسماء بن عيسى ليست مجرد فنانة شابة، بل رمز لجيل يدمج بين الماضي والمستقبل، مستلهمة من الجذور ومحلقة نحو الإبداع. قصتها ليست فقط عن فن التاتواج، بل عن شغف لا يعرف حدودًا وحب للهوية التونسية التي تتجلى في كل خط ونقش ترسمه