الإبرة.. فيلم تونسي يقتحم المحظور ويكرّس الإنسانية

في خطوة جريئة تعكس تطور السينما التونسية، أبدع المخرج عبد الحميد بوشناق من خلال فيلمه “الإبرة” الذي توج بخمس جوائز مهمة في الدورة الثانية والأربعين لمهرجان تورينو السينمائي بإيطاليا. الفيلم، الذي يعالج قضية حساسة نادرًا ما يتم تناولها في الأعمال العربية، نجح في جذب الانتباه بفضل طرحه الإنساني وعمقه الدرامي. تدور أحداث القصة حول زوجين يواجهان مفاجأة غير متوقعة عند ولادة طفلهما الأول، إذ تكتشف الطبيبة أن المولود يحمل الجنسين الذكر والأنثى، مما يثير خلافات عائلية تعكس الصراع بين القبول المجتمعي والاختلاف الفردي
ما يميز “الإبرة” هو جرأته في كسر التابوهات، مسلطًا الضوء على ثنائية الجنس كموضوع مركزي، مما أثار إعجاب لجان التحكيم والجمهور على حد سواء. حصد الفيلم جائزة أفضل سيناريو فيلم طويل، وهو تكريم مستحق للنص العميق الذي كتبه وأخرجه بوشناق، إلى جانب جائزة لجنة تحكيم القراء التي تعكس تقدير الجمهور للعمل. كما نال جائزة احترام الأقليات واللائكية لتناغمه مع القيم الحقوقية، وتنويهًا خاصًا من لجنة جائزة غاندي بفضل رسالته الداعية إلى التسامح والعدالة الاجتماعية. ولم يكن هذا التقدير مقتصرًا على النقاد فقط، حيث منحه الطلبة جائزة “هولدن سكول” لأفضل سيناريو، ما يعكس تأثيره الكبير على الأجيال الشابة
هذا الفيلم، الذي استغرق 100 دقيقة من السرد المشوق، نجح في تقديم معالجة فنية لقضية إنسانية تمس الحقوق الأساسية للأفراد. عبر تصويره لصراعات الأبوان بين الرفض والقبول، واستعراض الضغوط المجتمعية والأحكام المسبقة، يقدم العمل دعوة مفتوحة لإعادة النظر في المفاهيم النمطية السائدة. من خلال نص محكم وإخراج متقن، يؤكد عبد الحميد بوشناق مكانته كأحد أبرز المخرجين في المشهد السينمائي التونسي، خاصة بعد نجاحه السابق في فيلم دشرة
الإبرة ليس مجرد فيلم، بل شهادة على قدرة الفن في مواجهة المحظورات، وتحدي القوالب الاجتماعية الجامدة. بطرحه الإنساني ورسائله العميقة، يعد الفيلم إضافة قيمة للسينما التونسية، وخطوة متقدمة نحو انفتاح السينما العربية على قضايا حقوق الإنسان وقبول الاختلاف
محمد أديب بوفحجة