“لعبة النهاية”: عرض مسرحي يثير الجدل في مهرجان أيام قرطاج المسرحية

على خشبة مسرح قاعة الريو بالعاصمة تونس، وفي إطار فعاليات مهرجان أيام قرطاج المسرحية، قدمت فرقة مسرح الطليعة المصرية عرضًا لمسرحية “لعبة النهاية” يوم الاثنين 25 نوفمبر 2024. العرض، الذي يمثل مصر في المسابقة الرسمية، كان محط إعجاب البعض وانتقاد آخرين، ما أثار نقاشًا واسعًا حول تفاعل المسرح مع الفلسفة والعبث في العصر الحالي

تجربة فلسفية ليست للجميع
المسرحية، المقتبسة عن النص العبثي “لعبة النهاية ”  للكاتب الأيرلندي صامويل بيكيت، عالجت مفاهيم وجودية معقدة مثل العجز، الوحدة، وانتظار النهاية. إلا أن البعض من الجمهور وجد أن النص المغرق في الفلسفة لم ينجح في جذب الانتباه طيلة مدة العرض، معتبرين أن الأحداث جاءت بطيئة والإيقاع غير متوازن
وقالت إحدى الحاضرات بعد انتهاء العرض: رغم أهمية النص في المسرح العالمي، إلا أن طريقة تقديمه لم تساعد على إيصال عمق الرسالة بشكل واضح، خصوصًا لجمهور غير معتاد على هذا النوع من العروض
إبداع فني في الأداء رغم التحديات
ورغم الانتقادات للنص، لا يمكن إنكار البراعة التمثيلية التي قدمها طاقم المسرحية. تألق محمد فوزي الريس في دور “هام”، حيث نقل للجمهور إحساس العجز والغضب الداخلي بمهارة واضحة. كما كان أداء محمد صلاح في دور “كلوف” محط إشادة، إذ أظهر صراعه الداخلي بين الطاعة والرغبة في التحرر
إلا أن النقاد انقسموا حول قدرة الممثلين على إحياء شخصيات “ناج” و”نيل”، والدي “هام”. فبينما رأى البعض أنهما أضافا بعدًا رمزيًا عميقًا، اعتبر آخرون ظهورهما أقرب إلى الحشو المسرحي الذي لم يخدم الحبكة الرئيسية

إخراج بصري بلمسات جريئة
الإخراج الذي تولاه السعيد قابيل حاول المزج بين الأصالة والحداثة، معتمداً على رؤى فنية مبتكرة. استعان قابيل بإضاءة قاتمة وألوان رمادية طغت على الديكور، ما عكس شعورًا بالركود والضياع. إلا أن بعض الحضور وجدوا أن الاستخدام المفرط لهذا الأسلوب البصري زاد من حالة الكآبة والبطء، مما أثر على تفاعل الجمهور مع العرض
الجمهور التونسي: بين الإعجاب والنقد
شهدت قاعة الريو حضورًا جماهيريًا كبيرًا، إلا أن الآراء تباينت بشكل واضح بعد انتهاء العرض. ففي حين أشاد كثيرون بجودة التمثيل ورؤية المخرج، اعتبر آخرون أن المسرحية كانت “ثقيلة” وموجهة لنخبة معينة من الجمهور، مما جعلها غير قادرة على الوصول إلى شرائح واسعة
أحد النقاد التونسيين قال: المسرحية نجحت في تقديم معالجة فلسفية جريئة، لكنها أغفلت الجانب الحركي أو القصصي الذي يمكن أن يخلق توازنًا بين الفكر والإثارة البصرية
التحدي في نقل النصوص العالمية
من جانبه، أكد بطل العرض محمد صلاح في تصريح خاص أن العمل على نصوص مثل ” لعبة النهاية “ يمثل تحديًا كبيرًا، نظرًا لطبيعة النصوص العبثية التي تعتمد على الحوار الفلسفي العميق أكثر من الأحداث المشوقة. وأضاف: “كان هدفنا تقديم تجربة مختلفة تحمل رسائل إنسانية عميقة، حتى لو لم تكن مفهومة للجميع
مسرح الطليعة في دائرة النقاش
اختيار مسرح الطليعة لتقديم عمل بهذه الجرأة أثار التساؤل حول دور المسرح في مصر والعالم العربي اليوم. فبينما يرى البعض أن “لعبة النهاية” تؤكد التزام الفرقة بتقديم أعمال رفيعة المستوى فكريًا، يعتقد آخرون أن الوقت قد حان للتوجه نحو نصوص أكثر ارتباطًا بقضايا الحاضر وتحدياته
محمد أديب بوفحجة