في إطار الاحتفال باليوم الوطني للأرشيف، تم تكريم ثماني شخصيات وطنية بارزة، تضم جامعيين، سينمائيين، وباحثين، وذلك بمقر الأرشيف الوطني في العاصمة تونس. هذا التكريم يأتي في إطار إسهاماتهم القيمة في إثراء الأرشيف الوطني من خلال تبرعهم بوثائق تاريخية هامة، اعتبرها المدير العام للأرشيف، الهادي جلاب، بمثابة مكملات للأرشيف العام.
وفي تصريح خاص لموزاييك في 9 ديسمبر 2024، أوضح جلاب أن هذه المبادرة التي تُنظم سنويًا تهدف إلى تكريم الأفراد الذين قدموا وثائق هامة وكتبًا ومحامل سمعية وبصرية نادرة. وأضاف أن هذا التبرع يعكس الثقة الكبيرة في الدولة التونسية ومؤسساتها، لا سيما الأرشيف الوطني. كما أكد جلاب أن هذه المناسبة هي فرصة لتحفيز الآخرين على التبرع بوثائقهم المهمة لضمان توثيقها بشكل رسمي، مشيرًا إلى أن عدد المتبرعين يتزايد بشكل مستمر.
من بين الشخصيات المُكرمة، شمل التكريم كلًا من الأساتذة إلياس الجويني، محمد سعيد الحوات، والحبيب بن يونس من المعهد الوطني للتراث، بالإضافة إلى المحامية عليا الشماري، والموظف الراحل بالأرشيف الوطني منير الميلادي. كما تم تكريم الموزع السينمائي لسعد القوبنطيني، والمخرج السينمائي رضا الباهي، ومحمد الصالح مزالي، الذين قدموا للأرشيف الوطني وثائق قيمة تهم تخصصاتهم.
في تصريح خاص لموزاييك، عبر المخرج السينمائي رضا الباهي عن سعادته بتبرعه بأرشيفه السينمائي المتكون من 12 سيناريو لفيلم، بالإضافة إلى رسائل لمؤسس أيام قرطاج السينمائية الطاهر شريعة وأخرى تخص Cinémathèque Française، فضلاً عن رسائل من معجبين بأفلامه من جميع أنحاء العالم. كما تبرع أيضًا بعدد من الكتب السينمائية، أفلام وثائقية، ومشاريع سيناريوهات تم تصويرها، وهو ما يواكب 60 عامًا من أعماله. واعتبر الباهي أن تقديم هذه الوثائق إلى الأرشيف الوطني هو أفضل وسيلة لحفظ قيمتها كمصلحة عامة، لافتًا إلى أن أبنائه أو عائلته قد لا يقدرون أهمية هذه الوثائق في المستقبل. كما أشار إلى أن المخرج أو الأديب يعبر عن المجتمع في فترة معينة، وأن الباحثين والمؤرخين يمكنهم الاستفادة من هذه الوثائق في كتابة تاريخ تونس.
من جانبه، صرح محمد سعيد الحوات، المتقاعد من التعليم العالي، أن الوثائق التي قدمها للأرشيف تخص والدته زينب الكعاك، معربًا عن اعتقاده بأن تسليم هذه الوثائق للمؤسسة الوطنية للأرشيف سيمنحها قيمة أكبر، حيث أن حفظها في المنزل قد يفقدها قيمتها التاريخية. وأوضح الحوات أن من بين الوثائق التي أهدها، نسخة من شجرة العائلة الموسعة، بالإضافة إلى وثيقة تخص والده الوزير الأسبق مصطفى الكعاك، ورسالة تلقاها من ملك المغرب في تلك الفترة.
يعد هذا التكريم بمثابة خطوة مهمة نحو الحفاظ على الذاكرة الوطنية، ويعكس مدى اهتمام الأفراد في الحفاظ على تراثهم التاريخي والثقافي، وتقديمه للأجيال القادمة عبر الأرشيف الوطني، الذي يُعد خزينة لذكريات الوطن وأحداثه الكبرى.