“هنّ”، حرفان يختزلان في ظاهرها البساطة، لكنهما تحملان عمقًا إنسانيًا لا يضاهى، تمثلتا في فيلم وثائقي تونسي فريد من نوعه. يعرض الفيلم واقع نساء من مختلف المستويات الثقافية والتوجهات الدينية والخلفيات الاجتماعية، ويجمعهن رابط واحد: إنسانية تبحث عن العدل والكرامة وسط أوجاعهن
قصص إنسانية تلامس القلوب
الفيلم، الذي عُرض في قاعة الطاهر شريعة بمدينة الثقافة التونسية، ضمن تظاهرة “16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة”، يقدم رؤية مغايرة لواقع المرأة. يروي معاناة نساء يواجهن الأمراض المزمنة، التهميش الاجتماعي، والظلم الأسري. بطلات هذا الفيلم لسن ممثلات محترفات، بل هن نساء يعشن معاركهن اليومية بصدق، وهو ما جعل أدائهن يلامس المشاعر ويعبر عن معاناة شريحة كبيرة من المجتمع التونسي
حكايات ملهمة ومؤلمة
يتتبع الفيلم نساء يعانين من آلام الجسد والنفس. هناك من تكابر على المرض لتواصل دورها كأم رغم الضعف، وأخرى تواجه وصمة اجتماعية بعد طلاقها وفقدان حضانة ابنتها بسبب ظروفها الصحية. وبينهن راهبة تعيش في تونس، تسخر حياتها لخدمة الأطفال، مستنكرة رغبة الآباء في الإنجاب فقط من أجل التفاخر الاجتماعي دون إدراك قيمة الحب والرعاية. هذه القصص المؤثرة تُعرض بلغة بسيطة ومباشرة، لتضع المشاهد أمام واقع قد يكون غائبًا عنه رغم قربه
رؤية إخراجية متميزة
الصحفي والمخرج شاكر بسباس، بمساعدة فريق عمله المكون من أسامة عثمان (المخرج المساعد)، عبد الحق المسعدي (مدير التصوير)، وشركة “أرتميس” للإنتاج، قدموا عملًا خاليًا من المؤثرات البصرية أو الديكورات المصطنعة. أرادوا أن يكون الفيلم مرآة تعكس الواقع بكل صدقه وقسوته، بعيدًا عن التجميل أو التصنع
رسالة الفيلم
“هنّ” ليس مجرد فيلم وثائقي، بل صرخة إنسانية تدعو إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق، خاصة الحق في العلاج والتنقل. يصور الفيلم رحلة هؤلاء النسوة من مناطق نائية مثل حاجب العيون إلى مراكز تصفية الدم، كاشفًا عن الصعوبات التي يواجهنها في الوصول إلى أبسط حقوقهن
تأثير يدوم
يتميز الفيلم بكونه يناقش قضايا قديمة حديثة، يمكن أن تستمر في التأثير إذا لم تتغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية. “هنّ” يدعو المشاهدين للتوقف والتأمل في معاناة نساء يعشن بيننا، قد نلتقيهن يوميًا دون أن ندرك حجم الألم الذي يحملنه